لم يمرّ وقت طويل على موقف وزير الخارجية جبران باسيل في الاجتماع الطارئ لنظرائِه العرب (لبحث العدوان التركي على شمال سوريا) حتى عاجَل الساحة الداخلية بآخر أكثر اندفاعة. في القاهرة، السبت الماضي، طالبَ باستعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية. ومن منطقة الحدث، أول من أمس (في ذكرى 13 تشرين)، أعلَن أنه سيزور سوريا. موقِفان يختصِران عناوين خطة التيار الوطني الحر للمرحلة المُقبلة: لن نقِف مكتوفي الأيدي أمام مشهد الانهيار الاقتصادي. لن نفوّت أي فرصة لمواجهته، ولن نكون أسرى حسابات البعض في السلطة ربطاً بمحور تقوده واشنطن. موقفان يعنيان بلغة السياسة فرضاً لعودة العلاقة الطبيعية مع سوريا. سبقه إليهما حزب الله بأشواط، وأكدهما رئيس مجلس النواب نبيه بري أكثر من مرة في الماضي. أما من جانب سعد الحريري، فـ”قبّة باط” تترك لباسيل هامشاً رسمياً، من دون تبنٍّ علني.
وتقول المصادر أيضاً إن موقف باسيل لم يأتِ نتيجة قرار اتخذه حلفاء سوريا بالإجماع “بل أتى مكمّلاً”. فكما أن الحزب كان مُطالباً منذ البداية بالحديث مع الدولة السورية، كرّر برّي هذا الموقف في أكثر من بيان ومناسبة. حتى إن رئيس مجلس النواب لطالما أكّد بأن “العلاقات الثنائية بين البلدين يجب أن تعود سريعاً، ويجب أن يُتخذ القرار على مستوى مجلس الوزراء، لا سيما وأن عدداً من الوزراء اللبنانيين سبق أن زاروا سوريا للتباحث في ملفات مشتركة”.
على ضفة رئيس الحكومة كلام آخر. رداً على باسيل أصدر المكتب الإعلامي للحريري بياناً اعتبر فيه أنه “إذا أراد رئيس التيار الوطني الحر زيارة سوريا لمناقشة إعادة النازحين السوريين فهذا شأنه. المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، لأننا لا نثق بنيّات النظام من عودة النازحين… وإذا تحققت العودة فسنكون أوّل المرحّبين”. ترجمة هذا البيان بحسب مقربين من الرئيس الحريري تعني أن “موقف باسيل يمثل الأخير وحده ولا يلزم لا الحكومة ولا رئيسها”. لكن مصادر سياسية اعتبرت البيان “حمّال أوجه. فهو لم يقدّم موقفاً جازماً، بل حاول تفادي وقوع مشكلة في وقت تنهمك فيه حكومته في إنجاز مشروع قانون موازنة 2020”. كما حاذر “الدخول في سجال عالي السقف مع شريكيه في التسوية، حزب الله والتيار الوطني الحر، رامياً الكرة في ملعب الأخير في ما يتعلق بموضوع النازحين، وكأنه يجزم بأن لا عودة قريبة.
ميسم رزق – الأخبار